الصحافة والصحة:

02. ما هي الصحافة الصحية؟ /

هل من أمرٍ أكثرُ شموليةً من الصِحة؟ الإنجابُ، والحفاظُ على صِحةٍ جيّدة، والتعافي، والوقاية، والشفاء، والعناية، والخضوع للعلاج، وتقديم الرعاية.

مواضيعُ متعدّدة تهمّنا كلّنا في حياتِنا اليومية. والصِحة موضوعٌ يهمُّنا – بل وهو الموضوعُ الذي يهُمُّنَا الأكثر – أيًّا كان البلدُ الذي نعيشُ فيه، ومهما كان عمرُنا وجنسُنا ومهنتُنا.

تُعرّفُ منظمةُ الصِحةِ العالمية الصِحة على النحو التالي: “الصحُة هي حالةٌ من اكتماِل السلامةِ بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا، لا مجردَ انعدامِ المرضِ أو العجْز. “

ويَرِدُ أيضًا في دستورِ المنظمة ما يلي: ” التمتعُ بأعلى مستوى من الصِحةِ يمكنُ بلوغُه هو أحدُ الحقوقِ الأساسيةِ لكلِ إنسانْ، دونَ تمييزٍ بسببِ العنصرِ أو الدينِ أو العقيدة السياسية أو الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية. “

اكتشافُ فيروسِ كورونا المستجِد وخصائصٍه في إقليم هوبايْ، ظهورُ بَعُوض الأنوفيلة الاصطفانية في جيبوتي الذي قوّضَ فعاليةَ علاجِ المالاريا الحالي، البحوثُ العلمية التي أجرها فريق “شاي أركين” (Shy Arkin) في مجالِ الكيمياءِ الأحيائي الجزيئي في إسرائيل…كلُّها مواضيعُ تنطوي على معلوماتٍ ذات تقنية عالية يتعيّنُ استيعابُها بنظرةِ الخبير.

إضافةً إلى ذلك، إنّ مفهومَ الصِحة مرتبطٌ ارتباطًا وثيقًا بالاعتباراتِ السياسيةِ والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والأخلاقية. فعلى سبيلِ المثال، يستحيلُ التفكيرُ في الفجوةِ القائمة بين الاستراتيجياتِ السياسية والممارساتِ الصِحية في الغابون بدونِ الرجوعِ إلى علم الاجتماع.

وأخيرًا، حملت العولمةُ معها مبدأَ أهمّيةِ التفكيرِ في الصحةِ على الصعيدَيْن المحلي والعالمي في آنٍ معًا.

إنّ التطرقَ إلى المسائلِ الصحية وإلى البحوثِ العلمية الراهنة يستلزمُ أيضًا مواجهةَ التحدياتِ المتصلةِ بشتى أشكالِ انعدامِ اليقين، وعلى وجه الخصوص عندما يشكّلُ الحاضرُ خطرًا يُهدِّد صحّتَنا وأرواحَنا. . وهذا ما رأيناه في مقاطعة يوهان في بداية انتشار الوباء، حيث اُعتقد أن مضاد الفيروسات  Remdesivir قادر على علاج كوفيد 19، مع أن ذلك غير صحيح.

ومع ذلك، وبالرغم من هذا التعقيد، كلُّ واحدٍ منا بحاجة إلى أخبارْ ومعلوماتْ مبسّطة وموثوق بها، تتسمُ بأكبرَ قدرٍ من الموضوعية. وعليه، لا تتوقفُ جودةُ هذه الأخبار على الفهمِ الجيّدِ للتحدياتِ الصحية العامة فحسب، بل أيضًا على مدى اتخاذِ قراراتٍ تناسبُنا وتناسبُ المقربين منا في مجالَيْ الوقاية والعلاج.

يواجهُ الصحافيُ المختصُ في الصِحة كمّا كبيرًا ومتعدّدًا من المشاكلِ عندما يكونُ السياقُ مضطرباَ ومتّسماً بانعدام اليقين.

بادئ ذي بدء، يجبُ أن يكونَ قادرًا على القيامِ بعملِه، أي التبسيطِ والشرح، وعلى تطويرِ قدراتِه في استيعابِ وفهمِ معارفَ علمية لكي يتسنى له إيصالُها إلى أشخاصٍ غيرٍ مُلمّين بالموضوع.

ويستلزم منه ذلك أن يجيد:

  • الوصولَ بنفسِه إلى أخبارٍ ومعلوماتٍ محدّثة وذلك بواسطةِ القيامِ برصدٍ نشِطٍ للأخبارٍ والمعلوماتٍ على الصعيدٍ الدولي. وقد ينطوي ذلك على مشاكل إذا كان الإعلامُ خاضعًا للرقابةٍ كما هو الحالُ في الصين.
  • الوصول إلى مصادرَ موثوقٍ بها والاستعانة بالخبراءِ المناسبين (الأطباء، الباحثون…) 
  • طرح الأسئلة الجيّدة على المُحاوِرين
  • قراءة المقالاتِ العلمية ويستلزمُ ذلك أنّ يكونَ مُلمًّا بأسُسِ النهجِ العلمي، ولاسيما بمختلف مستوياتِ الإثباتِ العلمي.
  • التكيّف مع الجمهور ومع وسائل الإعلام.
  • تحرير الأخبار وفقًا للنُسُق المناسبة ووفقًا للوسائل المتاحة له.

وأخيرًا، تجنّبُ التحيّزِ المعرفي والتأثيراتِ الإيديولوجية والتجارية والسياسية.

ستتيحُ لكم هذه المجموعةُ من الفيديوهات إدراكَ التعقيدِ الذي ينطوي عليه موضوعُ الصِحة وستعلمكم كيفية معالجةَ هذا الموضوع بأفضلِ نحوٍ ممكن.

مشروع تنفذه قناة فرنسا الدولية CFI بالشراكة مع FRANCE MÉDIAS MONDE

Logos CFI et France Médias Monde